دونما تخطيط مسبق، قد ينزلق شخصٌ ما نحو هاوية غيرِ مرسومة، لحظات شيطانية تقبض عليه، فتجعله كقشة في مهب الريح، لعل من المفيد أن تُنشئ الأم صغارَها على عدم تعميق الخلافات بينَ الأهل، والإخوة خاصةً، وإن حصلت فالمسارعة إلى رأب الصدع، ففي أيام العطل تكثر لقاءاتُ الإخوة وخلافاتهم، وقد يحدث شجارٌ بعيد الأثر دونما سبب مقنع، كما تتكرر مثل هاتيك الصورة بين الأزواج، وقد يحدث نزاعٌ أو طلاق لسبب أقل من تافه.
وأنت ترى عودَ الثقاب ضعيفًا بائسًا، لكن انظر إلى أثره حين يُتركُ ليَلتهم الحقول، إذ يبدو أنه كلَّما إزداد الإنتشارُ صعبت السيطرةُ إلى حدِّ الإستحالة.
وصفت إحداهن موقفًا كان سببُه تصعيد الخلاف بين أبٍ وابنه الشاب، إذ قام الأب فلطم الشابَّ أكبر أبنائه أمامَ إخوته، فما كان من الابن إلا أن يتفل -معذرة- على وجه أبيه، فوجَّه الأبُ طلقاتِ مسدسه نحوَ رأس ولده.
ولعل كلَّ أم تتساءل: كيف أقلِّل من خلافات الأطفال؟
فنجيب: للحدِّ من المشاحنات بين الإخوة أرشد المربّون، ومنهم الأستاذ عدنان بلحارث في سفره القيم -دور الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة- إلى أنه يحبذُ وضعُ الأولاد في أماكن منفصلة، كي لا يعتدي أحدهم على ممتلكات الآخر.
وأضاف آخرون:
= الطفل الذي ينشأ في أسرة يسودها الإنسجام والتفاهم يتمتع بشخصية سوية غير عدوانية، أي: قليلة المشاحنات.
= كذلك على الكبار تعليم الصغار عدمَ مقاطعة المتحدث، ولو كان أصغرَ منه سنًّا، وعدم رفع الصوت أثناء التحدث.
= إذا اشتكى الصغير من عدوان أحدهم عليه، نسأله: ماذا فعلت أنت؟ فيعترف بأخطائه.
= حبذا لو تكررت كلمات: التسامح والعفو من شيم الكرام، وهذه من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.
= إذا نشأت مشكلةٌ ما، نستمع للطرفين ونصبرُ حتى يُنهيا كلامَهما، ثم يصدر الكبارُ أحكامَهم دون محاباة أو تحيز، فإنعدام مثل هذه السلوكيات تغرس الحقدَ، ومن ثم التشفي بالخصم، وهذه صفات وسلوكيات ليست من قاموس الطفل المسلم.
= يحبذ إصطحابُ بعض الصغار في بعض الزيارات، كأن يزور أحدهم ابنَ عمِّه الذي يقترب منه عمرًا، ويصطحب الثاني لزيارة عمته، وهكذا، وعندما يجتمع الإخوة يفرحون بتعدُّد الزيارات والخبرات، فينشأ بينهم حديث عذب.
= من أسس التربية الاجتماعية: تعليمُ الصغير الآدابَ الإسلامية، كآداب زيارة المريض، حتى لو كان أخاه وفي غرفته، فهذا لا يمنع من أن يؤانسَه ويزورَه، ويقدِّمَ له هديةً في حال مرضه.
وإن المتأمل للآداب الإسلامية يجدها تغرس أرفعَ الأخلاق والخصالِ لدى الصغير، وترتفعُ به عن دنيا السخرية والإستهزاء، وفحش القول أو بذاءته، فهذه السمات هي التي تورث المشكلات بين الناس.
= قد يحدث شجارٌ بسبب إختلاف وجهات نظرٍ كلُّها صوابٌ، وهنا لابد من تعليم الصغار إحترامَ وجهةِ نظرِ الآخرِ وعدمِ تسفيهه.
= من المناسبِ التربيةُ بالقصة أو المثَل، وأذكر هنا مثلاً يُضربُ عن إختلاف وجهات النظر، ألا وهو: لو أعطينا كيلو من الدقيق لعشرة أشخاصٍ مختلفي الجنسيات، وطلبنا منهم صناعةَ خبزٍ، لقدّم كلُّ واحدٍ لنا خبزًا بطريقةٍ مختلفةٍ، فمن المخطئ منهم يا ترى؟ وهكذا نعلمهم كيفيةَ إحترامِ الآخر بشخصه وفكره وثقافته.
والله الموفق.
الكاتب: أم حسان الحلو.
المصدر: موقع منبر الداعيات.